إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح سنن الترمذي
36708 مشاهدة
باب ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده

قال الإمام الترمذي باب ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده.
قال: حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر قال: وفي الباب عن ابن عمر .
قال أبو عيسى حديث جابر حديث حسن، وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يصح. والصحيح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم أن نكاح العبد بغير إذن سيده لا يجوز، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما بلا اختلاف.
قال أبو عيسى حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي قال: حدثنا أَبِي قال: حدثنا ابن جريج عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر هذا حديث حسن صحيح.


العاهر: الزاني؛ وذلك لأن السيد له التصرف في عبده، فإنه إذا زوجه لزمته حقوق، حقوق للزوجة، قد تكون الزوجة حرة فيتبعها أولادها فيكونون أحرارًا ويلزمه أن ينفق عليها، ومن أين تكون النفقة إلا من السيد؟
ومنافع العبد مملوكة للسيد يستخدمه ويأخذ منفعته، فإذا تزوج فإنه يحتاج إلى حقوق للزوجة ونحو ذلك، فعليه -والحال هذه- ألا يتزوج إلا بإذن سيده، وقد يرغب سيده أن يشتري له أمَة يزوجه إياها حتى يكون أولاده مملوكين للسيد لا يكونون لغيره.
فعلى كل حال ثبت هذا الحديث بأنه لا يجوز للعبد أن يتزوج إلا بعد أن يأذن له سيده الذي يملك رقبته.